هذا الكتاب هو نظر ورأي واجتهاد في تفسير (الكاف، والمِثْل، والمَثَل) وطلب الفروق بينها في أكثر من أربعمائة آية من كلام الله تعالى، و ما يزيد عن مائتي حديث من كلام الناس، مع سمة التكرار النافع الذي يثبِّت ذلك الرأي والاجتهاد في قلب القارئ الصابر الذي يطلب ذلك العلم حقًّا ولا يعجل، فلا يكاد ينتهي من الكتاب إلا وقد استطاع أن يضع كل لفظ وحرف من تلك الألفاظ في موضعها فلا تشتبه عليه ولا يخلط بينها، وقد تبيَّن له أنَّ الأمر فيها سهلٌ قريبٌ وإن كان قبل ذلك صعبًا بعيدًا، وأنَّ أقرب طريق إلى الصواب في تفسير القرآن وأصدقه وأثبته هو تفسير القرآن بالقرآن ما وجدنا إلى ذلك سبيلًا، وأنَّ كل كلمة في القرآن إنَّما تثبت دلالتها بالقرآن، وكل كلام غير القرآن إنَّما هو دونه في الثبوت والدلالة، والعلم به هو غير الحكم عليه.
وممَّا جاء في الكتاب من تفسير الكاف في قول الله تعالى:
﴿وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾
«قلت: وكلمح البصر، تفسيرها هو: مَثَلُه كَمَثَل لمح البصر، وهو مَثَلُه في أنَّه على الله يسير، قَدْرُ ما بين أن يأمر الله بها، وأن تكون هو كقَدْر لمح البصر أو هو أقرب، وكل ذلك هو من الغيب، ولا يحيط به الناسُ علمًا، ولا يُقَدِّرونه حقَّ قَدْره، ولا يستطيعون، فلا يقال: هو مِثْلُ لمح البصر، ولا يستطيع الخلق جميعًا أن يتثبَّتوا من ذلك، ولكن هي كلمح البصر.
والكاف تَعُمُّ ما يكون مِثْلَه، وما يكون قريبًا من مِثْلِه، وما يستطيع الناس أن يتثبَّتوا منه، وما لا يستطيعون.
وأمَّا مِثْلَهُ، فهي في القرآن كلِّه لا تكون إلا في ما يستطيع الناس أن يتثبَّتوا أنَّه مِثلُهُ سَواءٌ سِيَّانِ يستويان مَثَلًا».
وممَّا يحسن ذكره في خاتمة هذه الكلمة أنَّ هذا الكتاب كان جزءًا يسيرًا من رسالة الماجستير للدكتور صالح حفظه الله، فأخذه وأحسن تأليفه وزاد عليه وبيَّنه حتى خرج في 371 صفحة من القطع الكبير 20*28، وسيتبعه بأجزاء أخرى من رسالته إن شاء الله.