لا يعمل المخ في حالة من الفراغ، بل إنه يتخذ القرارات كافة في إطار سياق العالم الواقعي. وقد قارن عالم النفس الشهير «هربرت سايمون Herbert Simone» الحائز جائزة نوبل، مخ الإنسان بالمقص. فذهب إلى أن أحد نصلَي المقص هو المخ، والآخر هو البيئة المحددة التي يعمل من خلالها. وإن أردت معرفة آلية عمل المقص، فعليك النظر إلى النصلين معًا.
ولتحقيق هذه الغاية، سنخرج من المعمل إلى العالم الحقيقي حتى نرى المقص في حالة عمل. سنرى كيف أنقذَت بعض خلايا الدوبامين العصبية بارجة حربية في أثناء حرب الخليج، وكيف قاد النشاط المحموم بإحدى مناطق المخ إلى حدوث الفقاعة العقارية للرهن العقاري. سنتعلم كيف يتعامل رجال الإطفاء مع الحرائق الخطرة، وسنزور طاولات اللعب ببطولة العالم للبوكر. وسنقابل علماء يستخدمون تكنولوجيا تصوير المخ لفهم كيفية اتخاذ الناس لقرارات استثمارية، وكيف يختارون المرشحين السياسيين وكيف يستفيد البعض من هذه المعرفة الجديدة، من أجل تقديم برامج تلفزيونية أفضل، ومن أجل فوز مزيد من مباريات كرة القدم، وتحسين الرعاية الطبية، وتعزيز الاستخبارات العسكرية. إذ يهدف هذا الكتاب إلى الإجابة عن سؤالين مهمين للجميع، تقريبًا، سواء من الرؤساء التنفيذيين للشركات وحتى الفلاسفة الأكاديميين، ومن الاقتصاديين وحتى طياري الخطوط الجوية، وهما: كيف يتخذ عقل الإنسان القرارات؟ وكيف يمكننا اتخاذ تلك القرارات بشكل أفضل؟