بترجمة أحمد حمدي المتولّي، صدرت حديثاً النسخة العربية من كتاب بلوتارخوس "حوارٌ عن الحب"، وهو أحد أقلّ أعماله شهرةً وحظوةً بالترجمة، مقارنةً بالسيَر التي دوّنها أو رسائله في الصداقة، والتي سبق أن نُقلت جميعها إلى العربية.
على مستوى "حبكته"، يحكي الحوار ــ الذي يُجمِع المختصّون بأعمال بلوتارخوس على أنه ألّفه خلال السنوات الأخيرة من حياته ــ قصّةً وقعت في مدينة ثيسبياي، حيث يروي أوتوبولوس بن بلوتارخوس أن أباه ذهب إلى هناك في زيارة لتقديم القرابين إلى الإله إيروس، ليصادف في المدينة مجموعةً من معارفه الذين كانوا يتجادلون حول علاقة حُبٍّ بين أرملةٍ شابّة، هي إيسمندورا، وشابٍّ أصغر منها سنّاً ولم يسبق له أن تزوّج، هو باكخون.
ويعرض الحوار لآراء الشخصيات التي تتوزّع بين مؤيّد ومعارض لحبّ المرأة للشاب ولرغبتها في الزواج منه، وبين معارض لذلك، خصوصاً أن إيسمندورا هي التي تُكاشف الفتى بحبّها، وهو ما لم يكن مألوفاً في ذلك الوقت. كما أن غناها ومكانتها الاجتماعية كانا من بين المعطيات التي دفعت أكثر من متحدّث في الحوار إلى التوجّس من حبّها، قبل أن يتدخّل بلوتارخوس ليفضّ الجدال.
يدافع بلوتارخوس عن حقّ إيسمندورا في إعلان حبّها للفتى، وعن حقّهما في الزواج منه رغم فارق العُمر، وهي أمورٌ قد تبدو لنا عاديةً في يومنا هذا، لكنّها لم تكن كذلك في زمن الفيلسوف، حيث كانت العلاقة بين الرجل والمرأة لا تحظى بالضرورة بإجماع النخبة وتقديرها، إذ كان يُنظَر إليها كعلاقة للإنجاب قبل أي شيء آخر. رأيٌ يعارضه المؤلّف الذي يدافع، فوق ذلك، عن الزواج كإطار اجتماعي لعلاقتهما.