أوجه عديدة للخيانة.. تتبدل الأماكن المألوفة وتتغير، لكن القول الإيطالي المأثور إن الترجمة فعل خيانة، والقائم على التلاعب بالألفاظ بين كلمتي مترجم وخائن (traduttore, traditore)، تبقى على حالها مع مرور السنين دون تغيير، جاثمة على صدور المترجمين، كفزاعة جماعية ذعرهم وإحباطهم، مما يدفع للاعتقاد بأن المترجم وغد خداع، أخبث من أبأس الأغبياء. قبل تقديم البينة والإقرار بالتهمة، دعوني أتقصى مكامن هذه الخيانة وبحق من ترتكب. يمكن لنا بعدها نحن المترجمين الانسحاب إلى عالم النسيان مجددا، المليء بالخدم الصامتين، كما لو أن دورنا قد انتهى، حسب قول الأمير سيغيسموندو في نهاية مسرحية كالديرون “الحياة حلم” بعد إهداء البرج الذي سُجن فيه إلى الشخص الذي حرره: “الخيانة وقعت، لا حاجة للخائن بعد الآن”.