في هذا الكتاب محاولة لتحليل وتقييم وضعية الأخوان المسلمين في سورية ضمن إطار التطورات والصراعات الداخلية في تلك الدولة، سواء أكانت سياسية أم اجتماعية أو فكرية. وقد سبق أن أشارت الدراسات السابقة عن الإخوان المسلمين إلى ادعائهم بأن الإسلام ما زال ساري المفعول حتى يومنا هذا وأنه ينظم ويشمل جميع مرافق الحياة. إلا أن تلك الدراسات لم تبين مدى تطبيق الإخوان المسلمين العملية لهذه المبادئ. وأصدق مثال على ذلك هو ما قام به ميتشيل حين قسم مؤلفه إلى فصول في "تاريخ الإخوان" وفي "التنظيم" و"العقيدة".
وعلى هذا فإن السؤال يبقى مطروحاً، وهو إلى أي مدى وبأي طريقة كان للإسلام تأثيره على تحركات وأفعال الإخوان المسلمين، وما وظيفة الدين أثناء تحركهم للتوصل إلى أهدافهم، وما هو تأثير المحيط الذي كان يتفاعلون معه في فهمهم للإسلام وفي تنظيمهم بل وأيضاً أثناء محاولاتهم للوصول إلى غاياتهم الاجتماعية والسياسية.
إن هدف هذه الدراسة هو إلقاء الضوء أثناء محاولة للإجابة عن هذه التساؤلات. أي أنها لا تسعى لكي تكون تاريخاً عاماً للإخوان المسلمين في سورية. بل إنها محاولة لدراسة وتحليل طريقة عملهم خلال فترة من تاريخهم تبدأ منذ تأسيس الجمعية عام 1946، وهي الفترة التي تمكنوا أثناءها من التحرك ضمن إطار من الحرية السياسية. إنها تلك الفترة التاريخية منذ انتخابات 1947 والتي أعقبها دخول الإخوان المسلمين إلى البرلمان، إلى تاريخ المنع والحل في عهد الدكتاتور أديب الشيشكلي في أوائل عام 1952، أما التطورات التي لحقت ذلك فسوف يتم التعرض لها في نهاية البحث.