يشير الناقد المغربي سعيد بنكراد في معرض تقديمه لكتاب “تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي”، لـ “ميشيل فوكو” إلى أنه “أول كتاب نظري متكامل يصدره فوكو” معتبرا إياه من أشهر كتبه، والانطلاقة الفعلية لمشروع نظري ضخم امتد على ما يقارب ربع قرن.ويبين بنكراد في الكتاب الذي قام بترجمته وصدر عن المركز الثقافي العربي، أن المادة الأساسية له كانت “الخبرة الإنسانية في لحظات إبداعها لأشكال العسف المتنوعة للحد من اندفاع الجسد والروح، وتخطيهما لحدود “المعقول” و”العقلاني”، و”المستقيم”، و”الرزين” للانتشاء بالذات داخل عوالم اللاعقل التي لا تعترف بأية “حدود إضافية”،غير تلك التي تأتي من أشياء الطبيعة وطبيعة الأشياءويؤكد أن الكتاب زاخر بكل تاريخ يهتم بـ”أهواء النفس” البشرية في حالاتها المتنوعة، بمعرفة علمية تخص الجنون والعقل واللاعقل والاختلال النفسي وكل السلوكات “الغريبة” و”الشاذة”، والاندفاع نحو حدود لا تتوقف عن التواغل في المجهول.ويرى فيه عوالم عجيبة كما هي لوحات غويا وأعمال بوش، لافتا إلى أنها عوالم من صنع مخيال مزقته الأهواء. مضيفا أنها ” التعبير الأسمى الحقيقة الحقيقية للجنون، لذلك لا أحد يتحكم فيها، إنها خارج سلطة القانون والدين والأخلاق، فما ينتجه المخيال يدخل ضمن عوالم الممكن المنفصلة عن قوانين الواقع وآلياته في التحكم والتوجيه والتوقع”.