كتب بروكلمان هذه المذكرات خصيصى لابنه الذي انقطعت عنه أخباره إبان الحرب العالمية الثانية، حتى فقد الأمل في أن يلقاه في حياته مرة أخرى، قبل أن تأتيه البشارة أخيرًا بأنه لا يزال من الأحياء، حيث وقع أسيرًا في أيدي الروس. ومن هنا تكمن أهمية هذه المذكرات، حيث عاش بروكلمان حقبة مليئة بالتحديات الكبرى، والآمال العظيمة والإنجازات العلمية غير المسبوقة، وشهدت فيها الأكاديمية الألمانية تطورات مذهلة لا عهد لهم بها من قبل، حقبة شهدت كذلك أحداثا عالمية متسارعة مريعة، ناله منها وأسرته قسط وافر. كشفت هذه المذكرات عن منطقة كانت لا تزال مخفية عن أنظار القارئ العربي المعني بموضوع الاستشراق الألماني، والأكاديمية الغربية، إذ لم نعرف مستشرقا آخر غير بروكلمان باح لنا يحب نفسه، وأفضى إلينا بعجره ويجره، فأدخلنا معه غرف بيته، وقاعات تدريسه، وأجلسنا على طاولات سمره ، ووَقَفَنا على رأيه في مجمل الأحداث والشخصيات التي عرض لها في هذه المذكرات أو الذكريات، التي ظل بعدد صفحاتها يذكر نفسه، ويذكرنا أنه ما زال يخاطب بها - فقط - ذلك الابن المفقود.