إن آفة التاريخ هي كتابته بمداد الهوى والتعصب، وإن أسوأ طريقة لتفسيره ومحاولة فهمه، هي اعتبار الدعاية والدعاوى الكيدية حقائق لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها .
مع العلم أن هذه الدعاية، وخصوصاً السوداء والمخونة منها، لم تستهدف أكثر ما استهدفت مقاومي الإستعمار والإمبريالية على مر العصور.
وفي مقدمتهم العلماء الواعين السائرين في الطليعة، فهم في مزاعم الطاعنين الخونة والعملاء، وما إلى ذلك . النياشين التي ترين صدورهم وأكتافهم. من
بين يدي معلمة مدينة طنجة، الأسرة الصديقية العلمية المقاومة، يجد المرء كل مصاديق هذا التاريخ المزيف، فقد رفضت هذه الأسرة الحماية وجهيها الجماعي والفردي، لكن مع ذلك اتهمت بلباسها لبوس الحماية، وبالتعاون مع سلطتها، بل والتخابر أيضاً.
ثم شاركت هذه الأسرة ومريدوها في أول رباطات المقاومة، لكن يتعمد بعضهم" التهوين من ذلك، وبالمقابل تضخيم دور من كان يضع مع المجاهدين يدا، ويده الأخرى تعقد الصفقات مع المستعمر لإخضاع قبائل جبالة. تعاونت هذه الأسرة مع أمير الجهاد في الريف، محمد بن عبد الكريم الخطابي، عندما اطمأن رأي العلامة محمد بن الصديق الغماري إلى إخلاصه وصدق جهاده.
لكن هناك من يتغاضى" الوثائق والشهادات المنشورة، ويركز كاميراته على مشهد بعينه، لحظة التوجس بين الأمير ورأس الزاوية الصديقية، ومن ذا الذي لا يتوجس من الكل، والبلد تقضمه القوى الأجنبية من كل جانب، في كثير من الأحيان بخيل وكاب بعض من أهلها ؟