ينظر الناس اليوم- في العالمين الغربي والإسلامي- إلى الحضارة الإسلامية على أنها ظاهرة من ظواهر الماضي. في حين نرى أن الحضارة الإسلامية كان لها، مثلها مثل نظيراتها الحضارة المصرية القديمة أو الحضارة الرومانية؛ "عصراً ذهبياً"، وهي فترة من الإزدهار والاستكشاف، تمتد من القرن الثاني هـ/ الثامن م حتى القرن السادس هـ/ الثاني عشر م. وقد تبع هذه القرون انحسار وسقوط، من جانب، وظهور وقيام حضارة أخرى أكثر إبداعا وتجديدا، من جانب أخرى.
يشار عادة إلى هذه الحضارة الجديدة بإسم "الغرب"، وهو مصطلح غامض يشتمل على إنجازات جاليليو جاليلي وكريستوفر كولومبس، بنفس القدر الذي يشتمل على تطور الحاسب الآلي الشخصي وشبكة المعلومات العنكبوتية (الانترنت). ومنذ القرن الثامن عشر، ركز علماء الغرب، الذين اهتموا بدارسة أسباب انتهاء العصر الذهبي الإسلامي، أغلب جهدهم على إبراز الأدوار المختلفة والمتعددة التي لعبتها الفلسفة في هاتين الثقافتين( ).دائما ما اعتبرت الفلسفة وإنتاج المجادلات العقلية في الغرب بمثابة المحركان اللذان يطلقان ويعجلان بتطوير الأفكار والتقنيات جديدة. لذلك كان هناك زعم بأنه على الرغم من أن الفلسفة في العالم الإسلامي نمت بصورة ضخمة خلال العصر الذهبي للحضارة الاسلامية، إلا أن العلماء المتأخريين في المجتمعات الإسلامية قد هجروا دراسة الفلسفة وأهملوها، وحولوا انتباههم إلى العلوم والتخصصات الدينية.