يعد هذا الكتاب هو الطرح الأول من نوعه، والذي يتناول قياس مدى قدرة البرامج التربوية والتعليمية المتحفية في إعادة هيكلة وتشكيل الوعي الطفولي، والسعي لتطوير مدارك الطفل، وزيادة قدرته الاستيعابية للأمور والتغيرات الطفيفة والجذرية من حوله. كما يعرض الأنشطة المتحفية التي تهدف بشكل عام إلى تزكية مفاهيم التعاون والعمل الجماعي، وقياس مدى القدرة على مواجهة التحديات المتباينة والمتزايدة في القرن الحادي والعشرين.
ويتضمن الكتاب في فصوله الأربعة رؤية عامة وشاملة عن دور المتاحف في توفير البيئة التمكينية للطفل العربي، ومدى كيفية تحقيق الاستثمار المعرفي والتربوي للمتحف بصفته مؤسسة تربوية وتعليمية وتثقيفية وترفيهية متكاملة، فالمتاحف يمكنها أن تؤدي أكثر من دور تربوي وتعليمي بكفاءة متناهية حال توفر الموارد البشرية والمادية اللازمة لذلك، كما أن التقييم للدور المتحفي في مجالات التربية والتعليم يكون تقييمًّا واقعيًّا وملموسًّا للغاية، ودورها التطبيقي له آثار حقيقية يراها المُرِبيّ وتستشعرها الأسرة نفسها، بل ويدركها الطفل ذاته ويسعد بما يحل في داخله من تغيّر كبير أحدثته له البيئة التمكينية الإبداعية بالمتحف، فيصبح الإبداع والتغلب على المشكلات وكيفية إدارة وحل الأزمات، والطموح المتطلع، والأخلاق القويّمة، كل ذلك بمثابة مهارات راسخة في ذاتيته ومتأصلة في نفسه.
ويعقد الكتاب تحليلًا ومقارنات متعددة بين تجارب التعليم والتربية المتحفية في المتاحف العالمية ومتاحف الوطن العربي، وكيف يُمكن لصانعي القرار في المؤسسات التربوية والتعليمية أن يضعوا برامج تأهيلية وتمكينية للطفل، على أن تكون المتاحف هي البيئة الحاضنة لهذه البرامج، فبات التعليم المتحفي بيئة رئيسة لا تقل أهمية في دورها عن دور المدرسة والأسرة؛ لتنشئة الأطفال على مفاهيم الابتكار والإبداع، وفق متطلبات العصر الراهن للثورة التكنولوجية الهائلة.